اللغة العربية واليابانيون
アラビア語と日本人
بقلم: زكريا محمد علي
المملكة العربية السعودية - الرياض
لم أستطع أن أخفي اندهاشي وأنا أستمع إلى السيد ناكاموري وهو يتحدث باللغة العربية في الأمسية الجميلة التي أقامها النادي الأدبي بالرياض ضمن فعاليات ثقافية متنوعة تحت عنوان "يوم عن اليابان" وخصوصا عندما لفظ بجملة (امضغه جيدا حتى لا تنغص به!) في إشارة إلى نوع من الطعام الياباني، وتذكرت حينها أسماء مجموعة من المثقفين اليابانيين الذين قاموا بجهد مشكور في دراسة اللغة العربية وآدابها وقواعدها وترجمتها إلى اللغة اليابانية، من أمثال أوسامو إيكيلدا الذي قام بترجمة أعمال طه حسين ونجيب محفوظ، وأوجاسا وارا الذي ألف كتابا عن قواعد اللغة العربية نحوا وصرفا، وكواساكي تاورا الذي قدم بحوثا جيدة عن الأدب العربي.
هناك في اليابان يوجد عدد من الجامعات التي تضم أقساما لتدريس اللغة العربية وعلومها، على رأسها جامعة طوكيو، وجامعة تاك شدك، وجامعة دايوبوفكا وغيرها من الجامعات.. مما يعكس الاهتمام الكبير بالعالم العربي من قبل اليابانيين، وهو اهتمام نابع – في رأي المراقبين – من الجغرافيا السياسية والأهمية الاقتصادية التي يمثلها الخليج العربي والتي جعلته في آن واحد عصب الطاقة الرئيسي ومستودع أزمات العالم!
وبما أن اللغة العربية قد حظيت باهتمام النخبة في شعب يعتبر من أرقى شعوب العالم ومن أكثرها حيادا وموضوعية تجاه القضايا العربية الكبرى ، فإنني أرى أن الفرصة سانحة الآن لإيصال الصورة الحقيقية للثقافة العربية وقيمها الإنسانية، نقية من شوائب التعصب وأوهام العظمة وأفكار التطرف والإقصاء.. فالحوار العميق البناء يتيح مجالا واسعا لتبادل فكري ويفتح الباب مشرعا للنقد الثقافي الذي هو مفتاح تقدم الأمم المتحضرة.
لقد أثبتت علوم الأنثروبولوجيا والألسنيات الحديثة أن اللغة ليست مجرد أداة للتعبير وإنما هي نمط في التفكير، لما تحمله من رمز ومجاز وكناية واستعارة وصور خيالية وطرائق في التصوير والتعبير.. فإن كان اليابانيون قد اتخذوا من تعلم العربية وسيلة إلى فهم أنماط تفكيرنا، فإن العرب حتى الآن – في رأيي الشخصي – لم يقوموا بإجراء مماثل للاستفادة من أذكى شعوب العالم وأكثرها نشاطا وحيوية!..
لغة
Labels: لغة