بعد قرار الاستقالة المفاجيء لأبي 5 سيناريوهات تضع التحالف الأمريكي ـ الياباني في مفترق طرق
رسالة طوكيو: د. أحمد قنديل
عينان مغرورقتان بالدموع وضغط علي الشفتين كانت آخر ما ظهر علي وجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي52 عاما امام كاميرات المصورين عقب اعلانه الاستقالة من منصبه, هذه التعبيرات علي وجه شينزو ابي كانت تعبر عن حسرة والم شديدين لعدم نجاحه في حشد الدعم السياسي اللازم لتمديد قانون مكافحة الإرهاب, الذي يسمح لقوات الدفاع الذاتي الياباني بتزويد القوات الأمريكية العاملة في المحيط الهندي وافغانستان بالوقود والمياه, وهو القانون الذي يدور حول مد العمل به حاليا معركة حامية الوطيس علي الساحة السياسية اليابانية, حيث تنتهي مدة صلاحيته في أول نوفمبر المقبل.مفاجأة استقالة رئيس الوزراء الياباني, الذي يعد أصغر رئيس للوزراء في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية, تأتي قبل مرور عام علي توليه منصب رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي, ومن ثم اعتلائه كرسي رئاسة الوزراء في اليابان.
ويفسر العديد من الخبراء هذه الاستقالة المفاجئة, في بلد لم يتعود علي مثل هذه المفاجآت السياسية, بقيام إدارة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بممارسة ضغوط رهيبة علي رئيس الوزراء الياباني, الحليف الأوثق والأقرب في آسيا, من أجل مد العمل بقانون مكافحة الإرهاب, هذا في الوقت الذي لم يستطع فيه شينزو آبي حشد الدعم السياسي الداخلي اللازم للاستجابة لهذه الضغوط في ظل المعارضة القوية والصلبة التي واجهها من جانب زعيم الحزب الديمقراطي المعارض السيد ايتشيروا اوزاوا, الذي يرفض بشدة الاستمرار في مساندة الولايات المتحدة في عملياتها العسكرية, مادامت لم تحظ هذه العمليات بتأييد من الأمم المتحدة.
ويدعم زعيم المعارضة في موقفه المتشدد, نجاح حزبه, الحزب الديمقراطي, في السيطرة علي اغلبية مقاعد مجلس المستشارين في الانتخابات الأخيرة, التي جرت في شهر يوليو الماضي, وهو ما يمكنه من تعطيل وليس رفض الموافقة علي علي هذا القانون قبل حلول موعد الأول من نوفمبر المقبل, حيث تظل الكلمة العليا في تمرير القوانين لمجلس النواب, فمن الممكن تمرير مشروعات القوانين في حالة عدم الموافقة عليها من مجلس المستشارين عن طريق مجلس النواب اذا ما نالت ثلثي اصوات اعضائه, وهو ما يستطيعه الحزب الليبرالي الديمقراطي, نظرا لسيطرته علي أكثر من ثلثي مقاعد مجلس النواب بالمشاركة مع شريكه في الائتلاف الحاكم, حزب كوميتو.
الاستقالة المفاجئة لشينزو آبي تضع مستقبل التحالف الياباني ـ الأمريكي علي مفترق طرق انتظارا لما سوف تسفر عنه المعركة السياسية الدائرة حاليا هنا في طوكيو, وهي المعركة التي سوف تدور جولاتها بين معسكريين رئيسيين المعسكر الأول بقيادة الزعيم الجديد للحزب الليبرالي الديمقراطي, الذي سوف يخلف شينزو آبي في رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي, ومن ثم رئاسة الوزراء, اما المعسكر الثاني فيترأسه زعيم الحزب الديمقراطي المعارض ايشتيروا اوزاوا, انصار المعسكر الأول يعتبرون تمديد قانون مكافحة الإرهاب خطوة اساسية لتعزيز التحالف الأمني والاستراتيجي مع الإدارة الأمريكية, التي تعتبر مواصلة قيام الدفاع الذاتي اليابانية بتقديم الدعم اللوجيستيكي للقوات الأمريكية في المحيط الهندي, امر في منتهي الأهمية واختبار لمصداقية اليابان كحليف يمكن الوثوق به, ومن ثم يري مؤيدو هذا التيار ان عدم الوفاء بهذا الالتزام الدولي يضر ضررا بالغا بالمصالح القومية لليابان, التي تواجه تهديدات صاروخية ونووية خطيرة من جانب جيرانها في كوريا الشمالية والصين, حتي تحتمي اليابان بالمظلة النووية الأمريكية.
اما مؤيدو المعسكر الثاني فيرون أن تمديد القانون المذكور يعد التفافا علي مباديء الدستور السلمي الياباني, الذي يمنع التدخل المعسكري في الصراعات الخارجية, الأمر الذي قد يؤدي فيما بعد إلي توريط اليابان في حروب ونزاعات يشنها الحليف الأمريكي, ولايكون فيها لليابانيين ناقة ولاجمل, ويعبر انصار هذا التيار عن وجود مخاطر جمة علي المصالح القومية اليابانية من وراء التأييد المطلق للسياسات الأمريكية الانفرادية في العالم, وهو التأييد الذي تنامي بشدة وبشكل غير مسبوق منذ أحداث11 سبتمبر الإرهابية, علي يد رئيس الوزراء السابق جونتشيرو كويزومي, الذي أيد بقوة مساندة الأعمال العسكرية الأمريكية في العراق وافغانستان, مما جعل بعض المراقبين يتوقع ان تصبح اليابان هي بريطانيا الشرق بالنسبة لواشنطن.
وتطرح هاتان الرؤيتان المتناقضتان لتمديد قانون مكافحة الإرهاب خمسة سيناريوهات محتملة لمستقبل الحياة السياسية في اليايان في المدي المنظور, ومن ثم علاقات اليابان الأمنية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
السيناريو الأول يتمثل في تراجع الحزب الديمقراطي المعارض عن موقفه الرافض لمد قانون مكافحة الإرهاب, خوفا من أن يقود هذا الموقف إلي احداث شرخ عميق في العلاقات مع واشنطن وحدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي الداخلي, ولاشك ان هذا هو السيناريو الذي تقف الإدارة الأمريكية الحالية وراءه, إلا ان فهم طبيعة وشخصية زعيم الحزب الديمقراطي السيد اوزاوا يقلل جدا من امكانية وقوع هذا السيناريو, حيث يعرف عن الرجل العناد الشديد في التمسك بمواقفه المعلنة.
اما السيناريو الثاني فيتلخص في تجاهل الحزب الليبرالي الديمقراطي لمعارضة الحزب الديمقراطي الشديدة للقانون, والقيام بتمرير القانون عن طريق مجلس النواب, الذي يمتلك فيه الائتلاف الحاكم ثلثي المقاعد, ويدافع عن هذا السيناريو صحيفة يوميوري شيمبون وعدد من الدوائر السياسية الأمريكية من خلف الستار, غير أن عدم الرضاء الشعبي عن اداء الحزب الليبرالي الديمقراطي في الفترة الأخيرة قد يكلف الحزب الحاكم كثيرا من الناحية السياسية في حالة اتباع مثل هذا الاسلوب العنيف.
السيناريو الثالث يتصور قيام الحزب الليبرالي الديمقراطي بالاصرار علي تمرير القانون واللجوء إلي الشعب من أجل ذلك المراهنة علي ذلك, وذلك بحل مجلس النواب والدعوة إلي انتخابات مبكرة, تحت شعار ضرورة الحفاظ علي التحالف الوثيق مع الولايات المتحدة أو أي شعار آخر, ويعتمد هذا السيناريو علي ظهور زعيم سياسي قوي يتولي رئاسة الحزب ويستطيع كسب تأييد الرأي العام لمواقف الحزب وسياساته, وهو ما سوف يضع الحزب الديمقراطي المعارض ورئيسه في الظل مرة أخري, إلا ان احتمالات هذا السيناريو تضاءلت بشدة بعد رفض رئيس الوزراء الياباني السابق كويزومي الدخول إلي حلبة سباق الرئاسة علي زعامة الحزب في الفترة الحالية.
السيناريو الرابع يتمثل في قيام الولايات المتمدة باللجوء إلي مجلس الأمن الدولي للحصول علي تفويض للقيام بعملياتها العسكرية في المحيط الهندي لمكافحة الإرهاب, ومن ثم التغلب علي السبب الرئيسي المعلن من جانب زعيم الحزب الديمقراطي لرفض تمديد العمل بقانون مكافحة الإرهاب, فاذا ما تحقق ذلك, فسوف يجد زعيم المعارضة اوزاوا نفسه منتصرا في المعركة السياسية الحالية ويقول إنه اجبر الدولة العظمي في العالم علي تغيير سياساتها للتوافق مع سياسات حزبه, غير أن صقور الإدارة الأمريكية سوف يقفون امام تحقيق مثل هذا السيناريو في ضوء قناعاتهم الخاصة بعدم ضرورة اللجوء إلي مجلس الأمن الدولي لتبرير الحقوق المقدسة للزعامة العالمية للولايات المتحدة, إلا ان الأوضاع الحالية في العراق ربما تدفعهم إلي التفكير بجدية في مثل هذا السيناريو.
اما السيناريو الخامس والأخير, والأكثر ترجيحا, فيقوم علي تراجع قادة الحزب الليبرالي الديمقراطي عن مساندة مشروع قانون مكافحة الإرهاب في الوقت الراهن, والاذعان لمطالب زعيم الحزب الديمقراطي, والاعتذار للحليف الأمريكي, علي أمل حشد قواهم مرة أخري وتنظيم صفوفهم جيدا, قبل الدخول في مواجهة حاسمة مع حزب المعارضة الرئيسي في المستقبل القريب.. وربما تكون استقالة آبي المفاجئة مقدمة لصعود قيادة جديدة أكثر براجماتية تقبل بمثل هذا السيناريو, وهو ما كان شبه مستحيل في حالة آبي, الذي عادة ما كان المراقبون يضعونه في خانة الصقور المتشددة, وربما يدعم من هذا السيناريو ايضا التأييد المتزايد داخل اوساط الحزب للسيد فوكودا, الذي يصنفه العديد من المراقبين في معسكر الحمائم, لتولي منصب رئيس الحزب, ومن ثم رئاسة الوزراء.
علي أية حال, يبدو المشهد السياسي الحالي في اليابان في حالة من الغموض والضبابية, وسوف يضع وصول زعيم سياسي جديد لايلبي مطالب الإدارة الأمريكية الحالية في دعم حربها علي ما تسميه بالإرهاب, تساؤلا مهما وهو: هل بدأ التحالف الأمني والاستراتيجي بين اليابان والولايات المتحدة في التراجع والانحسار بعد أكثر من نصف قرن؟ ام ان هذا التحالف من القوة والمتانة بحيث يستمر في الوجود رغم عدم الاتفاق علي مسألة مواصلة تقديم الدعم للقوات الأمريكية العاملة في المحيط الهندي؟
ومما يزيد من غموض مستقبل التحالف الياباني الأمريكي وجود قلق شديد في عدد الدوائر السياسية والاستراتيجية اليابانية من موقف واشنطن المفاجئ والمهادن تجاه كوريا الشمالية, واعتمادها الكبير علي الصين من أجل معالجة هذا الملف الحساس من وجهة النظر اليابانية
عن الأهرام القاهرية
17 - 9 سياسة خارجية
عينان مغرورقتان بالدموع وضغط علي الشفتين كانت آخر ما ظهر علي وجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي52 عاما امام كاميرات المصورين عقب اعلانه الاستقالة من منصبه, هذه التعبيرات علي وجه شينزو ابي كانت تعبر عن حسرة والم شديدين لعدم نجاحه في حشد الدعم السياسي اللازم لتمديد قانون مكافحة الإرهاب, الذي يسمح لقوات الدفاع الذاتي الياباني بتزويد القوات الأمريكية العاملة في المحيط الهندي وافغانستان بالوقود والمياه, وهو القانون الذي يدور حول مد العمل به حاليا معركة حامية الوطيس علي الساحة السياسية اليابانية, حيث تنتهي مدة صلاحيته في أول نوفمبر المقبل.مفاجأة استقالة رئيس الوزراء الياباني, الذي يعد أصغر رئيس للوزراء في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية, تأتي قبل مرور عام علي توليه منصب رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي, ومن ثم اعتلائه كرسي رئاسة الوزراء في اليابان.
ويفسر العديد من الخبراء هذه الاستقالة المفاجئة, في بلد لم يتعود علي مثل هذه المفاجآت السياسية, بقيام إدارة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بممارسة ضغوط رهيبة علي رئيس الوزراء الياباني, الحليف الأوثق والأقرب في آسيا, من أجل مد العمل بقانون مكافحة الإرهاب, هذا في الوقت الذي لم يستطع فيه شينزو آبي حشد الدعم السياسي الداخلي اللازم للاستجابة لهذه الضغوط في ظل المعارضة القوية والصلبة التي واجهها من جانب زعيم الحزب الديمقراطي المعارض السيد ايتشيروا اوزاوا, الذي يرفض بشدة الاستمرار في مساندة الولايات المتحدة في عملياتها العسكرية, مادامت لم تحظ هذه العمليات بتأييد من الأمم المتحدة.
ويدعم زعيم المعارضة في موقفه المتشدد, نجاح حزبه, الحزب الديمقراطي, في السيطرة علي اغلبية مقاعد مجلس المستشارين في الانتخابات الأخيرة, التي جرت في شهر يوليو الماضي, وهو ما يمكنه من تعطيل وليس رفض الموافقة علي علي هذا القانون قبل حلول موعد الأول من نوفمبر المقبل, حيث تظل الكلمة العليا في تمرير القوانين لمجلس النواب, فمن الممكن تمرير مشروعات القوانين في حالة عدم الموافقة عليها من مجلس المستشارين عن طريق مجلس النواب اذا ما نالت ثلثي اصوات اعضائه, وهو ما يستطيعه الحزب الليبرالي الديمقراطي, نظرا لسيطرته علي أكثر من ثلثي مقاعد مجلس النواب بالمشاركة مع شريكه في الائتلاف الحاكم, حزب كوميتو.
الاستقالة المفاجئة لشينزو آبي تضع مستقبل التحالف الياباني ـ الأمريكي علي مفترق طرق انتظارا لما سوف تسفر عنه المعركة السياسية الدائرة حاليا هنا في طوكيو, وهي المعركة التي سوف تدور جولاتها بين معسكريين رئيسيين المعسكر الأول بقيادة الزعيم الجديد للحزب الليبرالي الديمقراطي, الذي سوف يخلف شينزو آبي في رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي, ومن ثم رئاسة الوزراء, اما المعسكر الثاني فيترأسه زعيم الحزب الديمقراطي المعارض ايشتيروا اوزاوا, انصار المعسكر الأول يعتبرون تمديد قانون مكافحة الإرهاب خطوة اساسية لتعزيز التحالف الأمني والاستراتيجي مع الإدارة الأمريكية, التي تعتبر مواصلة قيام الدفاع الذاتي اليابانية بتقديم الدعم اللوجيستيكي للقوات الأمريكية في المحيط الهندي, امر في منتهي الأهمية واختبار لمصداقية اليابان كحليف يمكن الوثوق به, ومن ثم يري مؤيدو هذا التيار ان عدم الوفاء بهذا الالتزام الدولي يضر ضررا بالغا بالمصالح القومية لليابان, التي تواجه تهديدات صاروخية ونووية خطيرة من جانب جيرانها في كوريا الشمالية والصين, حتي تحتمي اليابان بالمظلة النووية الأمريكية.
اما مؤيدو المعسكر الثاني فيرون أن تمديد القانون المذكور يعد التفافا علي مباديء الدستور السلمي الياباني, الذي يمنع التدخل المعسكري في الصراعات الخارجية, الأمر الذي قد يؤدي فيما بعد إلي توريط اليابان في حروب ونزاعات يشنها الحليف الأمريكي, ولايكون فيها لليابانيين ناقة ولاجمل, ويعبر انصار هذا التيار عن وجود مخاطر جمة علي المصالح القومية اليابانية من وراء التأييد المطلق للسياسات الأمريكية الانفرادية في العالم, وهو التأييد الذي تنامي بشدة وبشكل غير مسبوق منذ أحداث11 سبتمبر الإرهابية, علي يد رئيس الوزراء السابق جونتشيرو كويزومي, الذي أيد بقوة مساندة الأعمال العسكرية الأمريكية في العراق وافغانستان, مما جعل بعض المراقبين يتوقع ان تصبح اليابان هي بريطانيا الشرق بالنسبة لواشنطن.
وتطرح هاتان الرؤيتان المتناقضتان لتمديد قانون مكافحة الإرهاب خمسة سيناريوهات محتملة لمستقبل الحياة السياسية في اليايان في المدي المنظور, ومن ثم علاقات اليابان الأمنية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
السيناريو الأول يتمثل في تراجع الحزب الديمقراطي المعارض عن موقفه الرافض لمد قانون مكافحة الإرهاب, خوفا من أن يقود هذا الموقف إلي احداث شرخ عميق في العلاقات مع واشنطن وحدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي الداخلي, ولاشك ان هذا هو السيناريو الذي تقف الإدارة الأمريكية الحالية وراءه, إلا ان فهم طبيعة وشخصية زعيم الحزب الديمقراطي السيد اوزاوا يقلل جدا من امكانية وقوع هذا السيناريو, حيث يعرف عن الرجل العناد الشديد في التمسك بمواقفه المعلنة.
اما السيناريو الثاني فيتلخص في تجاهل الحزب الليبرالي الديمقراطي لمعارضة الحزب الديمقراطي الشديدة للقانون, والقيام بتمرير القانون عن طريق مجلس النواب, الذي يمتلك فيه الائتلاف الحاكم ثلثي المقاعد, ويدافع عن هذا السيناريو صحيفة يوميوري شيمبون وعدد من الدوائر السياسية الأمريكية من خلف الستار, غير أن عدم الرضاء الشعبي عن اداء الحزب الليبرالي الديمقراطي في الفترة الأخيرة قد يكلف الحزب الحاكم كثيرا من الناحية السياسية في حالة اتباع مثل هذا الاسلوب العنيف.
السيناريو الثالث يتصور قيام الحزب الليبرالي الديمقراطي بالاصرار علي تمرير القانون واللجوء إلي الشعب من أجل ذلك المراهنة علي ذلك, وذلك بحل مجلس النواب والدعوة إلي انتخابات مبكرة, تحت شعار ضرورة الحفاظ علي التحالف الوثيق مع الولايات المتحدة أو أي شعار آخر, ويعتمد هذا السيناريو علي ظهور زعيم سياسي قوي يتولي رئاسة الحزب ويستطيع كسب تأييد الرأي العام لمواقف الحزب وسياساته, وهو ما سوف يضع الحزب الديمقراطي المعارض ورئيسه في الظل مرة أخري, إلا ان احتمالات هذا السيناريو تضاءلت بشدة بعد رفض رئيس الوزراء الياباني السابق كويزومي الدخول إلي حلبة سباق الرئاسة علي زعامة الحزب في الفترة الحالية.
السيناريو الرابع يتمثل في قيام الولايات المتمدة باللجوء إلي مجلس الأمن الدولي للحصول علي تفويض للقيام بعملياتها العسكرية في المحيط الهندي لمكافحة الإرهاب, ومن ثم التغلب علي السبب الرئيسي المعلن من جانب زعيم الحزب الديمقراطي لرفض تمديد العمل بقانون مكافحة الإرهاب, فاذا ما تحقق ذلك, فسوف يجد زعيم المعارضة اوزاوا نفسه منتصرا في المعركة السياسية الحالية ويقول إنه اجبر الدولة العظمي في العالم علي تغيير سياساتها للتوافق مع سياسات حزبه, غير أن صقور الإدارة الأمريكية سوف يقفون امام تحقيق مثل هذا السيناريو في ضوء قناعاتهم الخاصة بعدم ضرورة اللجوء إلي مجلس الأمن الدولي لتبرير الحقوق المقدسة للزعامة العالمية للولايات المتحدة, إلا ان الأوضاع الحالية في العراق ربما تدفعهم إلي التفكير بجدية في مثل هذا السيناريو.
اما السيناريو الخامس والأخير, والأكثر ترجيحا, فيقوم علي تراجع قادة الحزب الليبرالي الديمقراطي عن مساندة مشروع قانون مكافحة الإرهاب في الوقت الراهن, والاذعان لمطالب زعيم الحزب الديمقراطي, والاعتذار للحليف الأمريكي, علي أمل حشد قواهم مرة أخري وتنظيم صفوفهم جيدا, قبل الدخول في مواجهة حاسمة مع حزب المعارضة الرئيسي في المستقبل القريب.. وربما تكون استقالة آبي المفاجئة مقدمة لصعود قيادة جديدة أكثر براجماتية تقبل بمثل هذا السيناريو, وهو ما كان شبه مستحيل في حالة آبي, الذي عادة ما كان المراقبون يضعونه في خانة الصقور المتشددة, وربما يدعم من هذا السيناريو ايضا التأييد المتزايد داخل اوساط الحزب للسيد فوكودا, الذي يصنفه العديد من المراقبين في معسكر الحمائم, لتولي منصب رئيس الحزب, ومن ثم رئاسة الوزراء.
علي أية حال, يبدو المشهد السياسي الحالي في اليابان في حالة من الغموض والضبابية, وسوف يضع وصول زعيم سياسي جديد لايلبي مطالب الإدارة الأمريكية الحالية في دعم حربها علي ما تسميه بالإرهاب, تساؤلا مهما وهو: هل بدأ التحالف الأمني والاستراتيجي بين اليابان والولايات المتحدة في التراجع والانحسار بعد أكثر من نصف قرن؟ ام ان هذا التحالف من القوة والمتانة بحيث يستمر في الوجود رغم عدم الاتفاق علي مسألة مواصلة تقديم الدعم للقوات الأمريكية العاملة في المحيط الهندي؟
ومما يزيد من غموض مستقبل التحالف الياباني الأمريكي وجود قلق شديد في عدد الدوائر السياسية والاستراتيجية اليابانية من موقف واشنطن المفاجئ والمهادن تجاه كوريا الشمالية, واعتمادها الكبير علي الصين من أجل معالجة هذا الملف الحساس من وجهة النظر اليابانية
عن الأهرام القاهرية
17 - 9 سياسة خارجية
Labels: سياسة خارجية
0 Comments:
Post a Comment
<< Home