أصعب أبجدية في العالم بقلم / فهد عامر الأحمدي
تنشط في اليابان حركات المطالبة بتبسيط الكتابة بالأبجدية اليابانية او الاستغناء عنها نهائيا؛ فمن المعروف ان اليابانيين اقتبسوا من الصين - قبل الف عام - حروفها الابجدية حين لم تكن للغة اليابانية حروف خاصة بها..
وفي الحقيقة لا اعلم ان كانت "حروف" هي الكلمة المناسبة؛ فالابجدية الصينية تعتمد على الأشكال التصويرية المجردة. فكلمة جبل مثلا ترسم كالهرم ، والماء بما يشبه الموج ، والبطة كما ترسم ( البطة) . وبناء عليه تخيل ملايين الاشكال التصويرية التي يجب على الياباني اتقانها ليصف بيئته او مكان عمله مثلا . والامر لاينتهي عند هذا الحد اذ ان التشابه بين رمزين (كالحبل والثعبان او الموج والماء) يتطلب اضافه شكل ثالث للتفريق بينهما؛ وعبر التاريخ حدثت اضافات كثيرة حتى اصبحت سمكة السلمون مثلا تكتب ب 27حركة ورسماً !!
اضف لذلك ان اللغة اليابانية تكتب بثلاثة مستويات من الأبجدية؛ الأولى تدعى كتكانا وتتكون من 46مقطعاً وهي خاصة بكتابة الأسماء التي ليس لها أصل في اللغة اليابانية. والثانية هيراجانا وتستعمل لكتابة الكلمات اليابانية التي لا يمكن كتابتها بالأبجدية الصينية.. أمَّا الأخيرة فثالثة الدواهي وتضم 10.000شكل وحرف اختصرت في العقود الأخيرة إلى 5000فقط.
وهكذا قد يتطلب كتابة رسالة صغيرة التعارك مع آلاف الاشكال الابجدية وثلاث طرق للكتابة ثم مطابقة الجميع مع قواميس اللغة المعتمدة. وفي حين يكفي في اللغة العربية تعلم الحروف الابجدية لقراءة الصحيفة لابد للمواطن الياباني من الاحاطة ب 3000شكل ابجدي - على الاقل - كي يفهم المعنى!!
وبالطبع كان الله في عون أطفال اليابان؛ ففي حين "يجاهد" أطفالنا لتعلم 28حرفاً فقط يجبر الطفل في اليابان على حفظ ما لايقل عن 1500حرف مع نهاية المرحلة الابتدائية، ومن 2000إلى 3000حرف مع نهاية المرحلتين المتوسطة والثانوية. وفي الجامعة لابد من تعلم حروف جديدة تفي بأغراض التخصص الجديد - وهي بأي حال لا تقلّ عن 2000أخرى.. وهكذا يمكن القول إن تعلم الابجدية الصينية ليس له حد او عمر معين؛ فالياباني يضيف اليها حتى وفاته ويتحدد مستواه الثقافي بما يحفظه منها ومايتطلبه ذلك من موهبة حقيقية في الرسم !!.
ولعجز عامة الناس عن الاحاطة بجميع الحروف اليابانية تمتلئ اللغة اليابانية بعشرات الدلائل والكلمات التي تعني الشيء نفسه - مما ترتب عليه خلق مئات التعابير التي لايمكن ترجمتها للغات الأخرى !!
ومن الاقوال الشائعة في اليابان ان "الأمبراطور وحده لا يحمل بطاقة تعريف".. وهذا القول فيه كثير من الصحة لأن بطاقة التعريف مهمة جداً لتوضيح اسم المواطن الياباني وتعد جلده الثاني؛ فالأسماء اليابانية بدورها تدل على معان عديدة يمكن أن تكتب بعشرات الطرق المختلفة (حسب المعنى الذي يعتقده السامع).. فكي يتمكن الشخص المقابل من كتابة أي اسم شفوياً لابد أولاً من محاضرة طويلة لشرح معنى الاسم وخلفياته التاريخية كي يكتب بالرسم المناسب - بل انه سيقع في ورطة حقيقية إذا رغب في كتابة اسمه الرباعي .
وهناك امر أخير لاحظته شخصيا - ولاحظه كل من احتك باليابانيين - وهو وجود خصوصية فريدة في مخارج الحروف تصعّب عليهم النطق بأي لغة أجنبية أخرى . هذه الخصوصية تقف حجر عثرة أمام نطق اليابانيين للغات الأجنبية وقلما تجد مثقفا او سياسياً يابانيا يتحدث الإنجليزية بطلاقة في حين قد يستطيع القراءة بها بشكل ممتاز (.. واذكر انني تحدثت مع احدى المتطوعات في مركز كيوتو الثقافي وبالكاد فهمت ما أرادت شرحه بالانجليزية وحين سألتها عن عملها الأصلي قالت : مدرسة لغة انجليزية) !!!.
كل هذه الصعوبات جعلت البعض ينادي بتبني الابجدية اللاتينية - كما حصل في تركيا واندونيسيا - والتساهل في استعمال الكلمات الاجنبية الدخيلة.. ولكن من جهة اخرى لانستطيع الادعاء ان هذه الاصوات تجد تأييدا كبيرا من عامة الشعب حيث الاعتزاز بالأبجدية الحالية من صميم الثقافة اليابانية..
(وما يزال الاعتزاز مستمرا) !!
---------
رجاء زيارة موقع النص الاصلي حيث تجد عددا كثيرا من تعليقات القراء
http://www.alriyadh.com/200%207/04/16/article242190.html?comment=all#21
16- 4 ثقاقة
تعليق مدير الموقع على المقال العجيب سيدرج قريبا على منتدى اليابان
http://tree.atbbs.jp/japanbbs/index.php?n=180
وفي الحقيقة لا اعلم ان كانت "حروف" هي الكلمة المناسبة؛ فالابجدية الصينية تعتمد على الأشكال التصويرية المجردة. فكلمة جبل مثلا ترسم كالهرم ، والماء بما يشبه الموج ، والبطة كما ترسم ( البطة) . وبناء عليه تخيل ملايين الاشكال التصويرية التي يجب على الياباني اتقانها ليصف بيئته او مكان عمله مثلا . والامر لاينتهي عند هذا الحد اذ ان التشابه بين رمزين (كالحبل والثعبان او الموج والماء) يتطلب اضافه شكل ثالث للتفريق بينهما؛ وعبر التاريخ حدثت اضافات كثيرة حتى اصبحت سمكة السلمون مثلا تكتب ب 27حركة ورسماً !!
اضف لذلك ان اللغة اليابانية تكتب بثلاثة مستويات من الأبجدية؛ الأولى تدعى كتكانا وتتكون من 46مقطعاً وهي خاصة بكتابة الأسماء التي ليس لها أصل في اللغة اليابانية. والثانية هيراجانا وتستعمل لكتابة الكلمات اليابانية التي لا يمكن كتابتها بالأبجدية الصينية.. أمَّا الأخيرة فثالثة الدواهي وتضم 10.000شكل وحرف اختصرت في العقود الأخيرة إلى 5000فقط.
وهكذا قد يتطلب كتابة رسالة صغيرة التعارك مع آلاف الاشكال الابجدية وثلاث طرق للكتابة ثم مطابقة الجميع مع قواميس اللغة المعتمدة. وفي حين يكفي في اللغة العربية تعلم الحروف الابجدية لقراءة الصحيفة لابد للمواطن الياباني من الاحاطة ب 3000شكل ابجدي - على الاقل - كي يفهم المعنى!!
وبالطبع كان الله في عون أطفال اليابان؛ ففي حين "يجاهد" أطفالنا لتعلم 28حرفاً فقط يجبر الطفل في اليابان على حفظ ما لايقل عن 1500حرف مع نهاية المرحلة الابتدائية، ومن 2000إلى 3000حرف مع نهاية المرحلتين المتوسطة والثانوية. وفي الجامعة لابد من تعلم حروف جديدة تفي بأغراض التخصص الجديد - وهي بأي حال لا تقلّ عن 2000أخرى.. وهكذا يمكن القول إن تعلم الابجدية الصينية ليس له حد او عمر معين؛ فالياباني يضيف اليها حتى وفاته ويتحدد مستواه الثقافي بما يحفظه منها ومايتطلبه ذلك من موهبة حقيقية في الرسم !!.
ولعجز عامة الناس عن الاحاطة بجميع الحروف اليابانية تمتلئ اللغة اليابانية بعشرات الدلائل والكلمات التي تعني الشيء نفسه - مما ترتب عليه خلق مئات التعابير التي لايمكن ترجمتها للغات الأخرى !!
ومن الاقوال الشائعة في اليابان ان "الأمبراطور وحده لا يحمل بطاقة تعريف".. وهذا القول فيه كثير من الصحة لأن بطاقة التعريف مهمة جداً لتوضيح اسم المواطن الياباني وتعد جلده الثاني؛ فالأسماء اليابانية بدورها تدل على معان عديدة يمكن أن تكتب بعشرات الطرق المختلفة (حسب المعنى الذي يعتقده السامع).. فكي يتمكن الشخص المقابل من كتابة أي اسم شفوياً لابد أولاً من محاضرة طويلة لشرح معنى الاسم وخلفياته التاريخية كي يكتب بالرسم المناسب - بل انه سيقع في ورطة حقيقية إذا رغب في كتابة اسمه الرباعي .
وهناك امر أخير لاحظته شخصيا - ولاحظه كل من احتك باليابانيين - وهو وجود خصوصية فريدة في مخارج الحروف تصعّب عليهم النطق بأي لغة أجنبية أخرى . هذه الخصوصية تقف حجر عثرة أمام نطق اليابانيين للغات الأجنبية وقلما تجد مثقفا او سياسياً يابانيا يتحدث الإنجليزية بطلاقة في حين قد يستطيع القراءة بها بشكل ممتاز (.. واذكر انني تحدثت مع احدى المتطوعات في مركز كيوتو الثقافي وبالكاد فهمت ما أرادت شرحه بالانجليزية وحين سألتها عن عملها الأصلي قالت : مدرسة لغة انجليزية) !!!.
كل هذه الصعوبات جعلت البعض ينادي بتبني الابجدية اللاتينية - كما حصل في تركيا واندونيسيا - والتساهل في استعمال الكلمات الاجنبية الدخيلة.. ولكن من جهة اخرى لانستطيع الادعاء ان هذه الاصوات تجد تأييدا كبيرا من عامة الشعب حيث الاعتزاز بالأبجدية الحالية من صميم الثقافة اليابانية..
(وما يزال الاعتزاز مستمرا) !!
---------
رجاء زيارة موقع النص الاصلي حيث تجد عددا كثيرا من تعليقات القراء
http://www.alriyadh.com/200%207/04/16/article242190.html?comment=all#21
16- 4 ثقاقة
تعليق مدير الموقع على المقال العجيب سيدرج قريبا على منتدى اليابان
http://tree.atbbs.jp/japanbbs/index.php?n=180
5 Comments:
جزاكم الله خيراً على المقالة,انا لم اكن اعرف من قبل متى تستخدم الكاتاكانا والهيراجانا والكانجي ,لاحظت من خلال مشاهدتي للأنيم ان اليابانيين عندهم حرف الراء واللام مندمجين لدرجة انك قد لا تعرف هل الشخص ينطق الكلمة بالراء ام باللام واكيد ان هذا سيؤثر على الكلمات التي ينطقونها باللغات الاخرى كالعربية والانجليزية
أخوكم محمود
مغالطات عديدة وظلم كبير وقع من الكاتب
آمل أن يتوفر لي الوقت في المستقبل القريب للتوسع في التعليق.
أجمل مقال قرأته عن اليابان ..
أرجو من الأخ نايف التوسع في هذا الموضوع إنني شغوف إلى ذلك..
أسأذن الأخ سايتو في نقل هذا المقال إلى مدونتي ..مدونة اللغة اليابانية
على فكرة اود ان اذكر ان الكلام باللغة اليابانية متعة فعلاً صحيح ان الكتابة صعبة بعض الشيء ولكن ستأتي بالتعود اما الكلام والحديث باللغة اليابانية فممتع(هذا طبعاً في مرتبة بعد مرتبة لغة القرآن)
أخوكم محمود
السلام عليكم
أنا الان احاول دراسة اللغة اليابانيه طبعا مما وجدته كما قال الاخ محمود بانها ممتعته للمتحدث .. سهلة ومختصره الى ابعد الحدود
لكني عندما بحثت عن الحروف (قررت الاستقارا على التحدث بدل الكتابه )
شكرا لك على هذا المقال الرائع
Post a Comment
<< Home