التجربة اليابانية بقلم د. هادي حسن الخيكاني
تتكون اليابان من أكثر من ثلاثة آلاف جزيرة في شرق آسيا . يفصلها عن البر الآسيوي بحر اليابان . وتسيطر الطبيعة الجبلية على معظم جزر اليابان ، كما يتخللها عدد كبير من البراكين الخامدة أو النشطة ، وتشكل الغابات 70% من مساحة هذا البلد ، مما يترك حيزاً ضيقاً لممارسة النشاط الزراعي ، الذي قد يكفي بالكاد شعبها البالغ ( 125) مليون نسمة، تعتمد اليابان على الموارد الأولية ومن ضمنها النفط على الاستيراد من الخارج .
هكذا فأن الموقع والموضع تضافرا معاً بالنسبة لليابان ووفرا لها أمكانية العزلة في أعماق المحيط . وطالباه في الوقت نفسه بالقدرة على الوصول الى البر لأستكمال مقومات التقدم والتطور . لقد كفلت هذه العزلة حماية طبيعية لليابان في العصور القديمة والوسطى ، وأدت الى نوع من التجانس والتماسك بين اليابانيين بل ساعدت هذه العزلة على صد كل موجات الغزو الأجنبي لبلادهم .. وشكل النظام الامبراطوري الوعاء الذي حوى اليابان . وجاءت قيم ( الشنتو والكونفو شيوس) لتعزز وحدة البلاد وقيمة الانسان وحب الوطن وتعاظم احترام الأمبراطور..
انتهت العزلة اليابانية عن العالم بموجب معاهدة 31 آذار عام 1804 عندما فتحت اليابان موانئها أمام أساطيل اوربا والولايات المتحدة الاميركية ، فتعرف اليابانيون على العالم الخارجي ، والتقدم الكبير في العالم ، فأحسوا بعمق المرارة ، وشعروا إن العالم الغربي يحتقرهم بسبب تخلفهم الحضاري . وسلموا بما تعانيه بلادهم من تخلف ، فرفعوا شعار ( اغناء الدولة وتقوية الجيش ) وتمت تصفية النظام الاقطاعي القديم واحلال مؤسسات الدولة المركزية ، وتم تغيير النظام الاقتصادي ، فأقيمت صناعة حديثة وتحسين كبير في وسائل الانتاج الزراعي ، ودعمت التجارة ، وتم تعديل النظام الطبقي ، فتم تحريم تجارة الرقيق ، واصبح التعليم حقاً لجميع المواطنين ، وتمت الاستعانة بخبراء فرنسيين لوضع قوانين جديدة للبلاد بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة ، وبما يؤدي الى تيسير تقدم البلاد ، وعزز كل ذلك التقاليد اليابانية القائمة على الشجاعة والفضيلة والصدق واحترام المرأة للرجل ، وقدسية الانسان ، وحب الوطن الى درجة التضحية بكل شيء من أجله .
وهكذا فقد نما الاقتصاد الياباني بسرعة مذهلة ، ففي أقل من ستين سنة برزت اليابان كدولة متقدمة صناعياً وعسكرياً ، وأخذت تتطلع الى خارج حدودها فشاركت في الحرب العالمية الثانية .
من تحت الرماد الى الانطلاقة الكبرى
كانت اليابان أول دولة تتعرض عبر تاريخ الجنس البشري الى أفدح كارثة وأشد محنة خلال الحرب العالمية الثانية ، حيث دمر ميناءا هيروشيما وناكازاكي الصناعيان في آب عام 1945 كما فقدت اليابان في هذه الحرب نحو مليونين من سكانها ، واغرقت كل أساطيلها ومعداتها الحربية في المحيط الباسيفيكي ، كما دمرت لها 40% من المجموع الكلي لمساحات مدنها ، وتوقفت عجلة الصناعة وسائر النشاط الاقتصادي في جميع انحاء البلاد ، وأصيب الملايين ، الذين ظلوا بدون مأوى ، بأعنف مشاعر الخوف والأحباط وفقدان الثقة في حكومتهم وقيادتهم العسكرية .
وبعد محاولات الأمبراطور هيروهيتو لأنقاذ الموقف عبر تغيير الحكومة العسكرية ، لم يجد بداً من الاستسلام لقوات الحلفاء في أواخر عام 1945 .. وفي عام 1947 وضع دستور جديد للبلاد ، تمت فيه صياغة هياكل الحكم الحالية ، والذي حدد نظام الحكم في اليابان ، بأنه ملكي دستوري .. لذا فأن الرجل الأول هو رئيس الوزراء ، الذي يتم اختياره من قبل البرلمان ، والذي يمثل الاكثرية البرلمانية لمدة سنتين قابلتين للتجديد سنتين أخريين ، ثم يمكن تجديد ولايته لمدة سنة مرتين آخريين ، وفي حالة عدم التجديد يتم اختيار بديل عنه من قبل حزب الأكثرية في البرلمان .. وعلى سبيل المثال أستنفد رئيس الوزراء ( ياسوهيروفاكاسوني) كل التجديدات خلال ولايته 1982 ـ 1989 والبرلمان يتكون من مجلسين هما : مجلس النواب ، الذي يتكون من (511) مقعداً ، ومجلس الشيوخ ، الذي يتكون من (252) مقعداً والانتخابات العامة تجرى كل ست سنوات ، ونظام البلاد ديمقراطي تعددي ، وتوجد في البلاد اكثر من عشرة احزاب ابرزها : 1ـ الحزب الديمقراطي الحر ، 2ـ الحزب الاشتراكي الياباني ، 3ـ حزب اليابان الجديد ، 4ـ حزب الكوميتود ( وهو حزب ديني محافظ ) ، 5ـ الحزب الديمقراطي الأشتراكي ، 6ـ الحزب الشيوعي الياباني ،7ـ حزب نادي الاحرار الجديد .. وجميع هذه الأحزاب لها مقاعد في البرلمان ، حصلت عليها من خلال الأنتخابات .
وتعد اليابان إنموذجاً فريداً في توفير الأساس المادي والقانوني لحقوق الأنسان وضمانها في آسيا ، بل أنها احدى الدول القليلة في العالم تحترم حقوق الأنسان وتضمنها ، ويعتبر الدستور الياباني أحد أعمدة تطور المجتمع والدولة واقتصادها .. وطيلة السنين السابقة كان سجل اليابان لحقوق الانسان نظيفاً .
في عام 1951 وقعت اليابان على معاهدة السلام ، كما وقعت مع الولايات المتحدة الاميركية ، ايضاً على ( ميثاق أمن ) تعهدت بموجبه واشنطن بحماية اليابان من أي عدوان خارجي ، ومن أي تمرد يتلقى العون من قوى خارجية . بالمقابل نص الدستور الياباني على تخلي الشعب الياباني الى الأبد عن الحرب أو تشجيعها .. كما ألتزمت اليابان بعدم الأحتفاظ بقواعد عسكرية ( برية أو بحرية أو جوية ) ، ومناهضة التسليح النووي ، كما وقعت اليابان معاهدة تحريم انتاج الأسلحة المحرمة دولياً واستخدامها . وعدم إرسال قوات مسلحة يابانية الى الخارج ، وعدم تصدير الأسلحة والمعدات الحربية ، وعدم إمتلاكها أسلحة هجومية “ يجدر ان القوات اليابانية المتواجدة حالياً في السماوة ـ جنوب العراق ـ ليست قوات عسكرية لأغراض القتال ، بل مهندسين وفنيين لأغراض الأسهام في إعادة بناء هذه المدينة واقامة بعض المشاريع الخدمية والأنسانية “ .
لقد واجهت اليابان تحدي الحياة ، فبقدر ما كانت الضربة خلال الحرب العالمية الثانية ساحقة كان حب اليابان عند اليابانيين أكبر فتفجرت الطاقات الهائلة من تحت الرماد لترفع بالوطن الى مصاف الدول المتقدمة الكبرى ، ولتسابقهم في الدخول الى عالم مابعد الصناعة . وأصبحت اليابان اليوم من أبرز دول العالم الصناعية ، وقد أنصب الاهتمام الاساسي على الصناعات التي تعتمد على المهارات الفنية العالية والتشغيل الآلي في معظم الأحيان ، وتعد صناعة السيارات من أكثر الصناعات نمواً في اليابان ، وكذلك صناعة الدراجات البخارية والسفن والطائرات والأجهزة المنزلية وصناعة أجهزة الفضاء وانتاج المواد الخام الكيماوية الأساسية للاستخدام في الصناعات الحديثة ، كما برزت اليابان في الصناعات الدقيقة الكهربائية والحاسبات والروبورت ، حيث بلغ نصيب اليابان من صناعة هذه الأجهزة أكثر من 70% من مثيلاتها في العالم .. والأهم لم يجر هذا التقدم الصناعي على حساب تراجع الديمقراطية وحقوق الأنسان بل كانا يسيران في خطين متوازيين متصاعدين ، تقدم في الصناعة وتعزيز للديمقراطية وحقوق الأنسان .
والصناعة اليابانية اليوم في مقدمة صناعات العالم في الجودة والمتانة وطول العمر .
وتنافس اليابان اليوم ، كل الدول المتقدمة صناعياً ومالياً، وفي تقديم العون والمساعدة الأنسانية في حالات الطوارىء والاغاثة .. كل هذا التقدم الصناعي والتكنولوجي الياباني وحتى السياسي كان مقترناً بالسلام والديمقراطية بعيداً عن عسكرة المجتمع او بناء قوة عسكرية هجومية او اعتدائية ، وليس لها أطماع سياسية او طبوغرافية على حساب الغير ، لكنها في الوقت نفسه استثمرت خارج حدودها منذ ستينيات القرن الماضي اكثر من الشركات المتعددة الجنسية الأميركية .. وتعمل يابان اليوم الى تحول نظامها الاقتصادي الى العالمية فهي تعمل على تخليص نظامها الأجتماعي من المحسوبية السياسية والأجور بالأقدمية والقضاء على قوة اللوبي الزراعي وانحراف بعض المسؤولين والعمل على أستخدام المصانع اليابانية في المنطقة الوسطى ( في آسيا) كعامل للبحث عن نموذج جديد يتيح للمشروعات اليابانية الأحتفاظ بأوراقها الرئيسة والسماح لها في الوقت نفسه بالانتقال الى العالمية ، بالمقابل فأن سجل حقوق الانسان الياباني نظيف ويقف في مقدمة السلم في السجل العالمي لحقوق الأنسان .
والعراقيون ليسوا أقل شأناً وقدرة ووطنية وطاقات وموارد من اليابانيين ، وهم اليوم أمام أكبر تحدٍ ، وهو اعادة بناء بلدهم والانطلاق في اقتصادهم المنهار منذ عقود ، فهل نحن امام تجربة عراقية في السلام والديمقراطية بموازاة تجربة اقتصادية متطورة !!؟
يقيناً بطاقات العراقيين وجهادهم وجهودهم وابداعاتهم الخلاقة سنكون إنموذجاً ( سياسياً واقتصادياً ) تحتذي به دول المنطقة..
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=9915
منوعة
هكذا فأن الموقع والموضع تضافرا معاً بالنسبة لليابان ووفرا لها أمكانية العزلة في أعماق المحيط . وطالباه في الوقت نفسه بالقدرة على الوصول الى البر لأستكمال مقومات التقدم والتطور . لقد كفلت هذه العزلة حماية طبيعية لليابان في العصور القديمة والوسطى ، وأدت الى نوع من التجانس والتماسك بين اليابانيين بل ساعدت هذه العزلة على صد كل موجات الغزو الأجنبي لبلادهم .. وشكل النظام الامبراطوري الوعاء الذي حوى اليابان . وجاءت قيم ( الشنتو والكونفو شيوس) لتعزز وحدة البلاد وقيمة الانسان وحب الوطن وتعاظم احترام الأمبراطور..
انتهت العزلة اليابانية عن العالم بموجب معاهدة 31 آذار عام 1804 عندما فتحت اليابان موانئها أمام أساطيل اوربا والولايات المتحدة الاميركية ، فتعرف اليابانيون على العالم الخارجي ، والتقدم الكبير في العالم ، فأحسوا بعمق المرارة ، وشعروا إن العالم الغربي يحتقرهم بسبب تخلفهم الحضاري . وسلموا بما تعانيه بلادهم من تخلف ، فرفعوا شعار ( اغناء الدولة وتقوية الجيش ) وتمت تصفية النظام الاقطاعي القديم واحلال مؤسسات الدولة المركزية ، وتم تغيير النظام الاقتصادي ، فأقيمت صناعة حديثة وتحسين كبير في وسائل الانتاج الزراعي ، ودعمت التجارة ، وتم تعديل النظام الطبقي ، فتم تحريم تجارة الرقيق ، واصبح التعليم حقاً لجميع المواطنين ، وتمت الاستعانة بخبراء فرنسيين لوضع قوانين جديدة للبلاد بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة ، وبما يؤدي الى تيسير تقدم البلاد ، وعزز كل ذلك التقاليد اليابانية القائمة على الشجاعة والفضيلة والصدق واحترام المرأة للرجل ، وقدسية الانسان ، وحب الوطن الى درجة التضحية بكل شيء من أجله .
وهكذا فقد نما الاقتصاد الياباني بسرعة مذهلة ، ففي أقل من ستين سنة برزت اليابان كدولة متقدمة صناعياً وعسكرياً ، وأخذت تتطلع الى خارج حدودها فشاركت في الحرب العالمية الثانية .
من تحت الرماد الى الانطلاقة الكبرى
كانت اليابان أول دولة تتعرض عبر تاريخ الجنس البشري الى أفدح كارثة وأشد محنة خلال الحرب العالمية الثانية ، حيث دمر ميناءا هيروشيما وناكازاكي الصناعيان في آب عام 1945 كما فقدت اليابان في هذه الحرب نحو مليونين من سكانها ، واغرقت كل أساطيلها ومعداتها الحربية في المحيط الباسيفيكي ، كما دمرت لها 40% من المجموع الكلي لمساحات مدنها ، وتوقفت عجلة الصناعة وسائر النشاط الاقتصادي في جميع انحاء البلاد ، وأصيب الملايين ، الذين ظلوا بدون مأوى ، بأعنف مشاعر الخوف والأحباط وفقدان الثقة في حكومتهم وقيادتهم العسكرية .
وبعد محاولات الأمبراطور هيروهيتو لأنقاذ الموقف عبر تغيير الحكومة العسكرية ، لم يجد بداً من الاستسلام لقوات الحلفاء في أواخر عام 1945 .. وفي عام 1947 وضع دستور جديد للبلاد ، تمت فيه صياغة هياكل الحكم الحالية ، والذي حدد نظام الحكم في اليابان ، بأنه ملكي دستوري .. لذا فأن الرجل الأول هو رئيس الوزراء ، الذي يتم اختياره من قبل البرلمان ، والذي يمثل الاكثرية البرلمانية لمدة سنتين قابلتين للتجديد سنتين أخريين ، ثم يمكن تجديد ولايته لمدة سنة مرتين آخريين ، وفي حالة عدم التجديد يتم اختيار بديل عنه من قبل حزب الأكثرية في البرلمان .. وعلى سبيل المثال أستنفد رئيس الوزراء ( ياسوهيروفاكاسوني) كل التجديدات خلال ولايته 1982 ـ 1989 والبرلمان يتكون من مجلسين هما : مجلس النواب ، الذي يتكون من (511) مقعداً ، ومجلس الشيوخ ، الذي يتكون من (252) مقعداً والانتخابات العامة تجرى كل ست سنوات ، ونظام البلاد ديمقراطي تعددي ، وتوجد في البلاد اكثر من عشرة احزاب ابرزها : 1ـ الحزب الديمقراطي الحر ، 2ـ الحزب الاشتراكي الياباني ، 3ـ حزب اليابان الجديد ، 4ـ حزب الكوميتود ( وهو حزب ديني محافظ ) ، 5ـ الحزب الديمقراطي الأشتراكي ، 6ـ الحزب الشيوعي الياباني ،7ـ حزب نادي الاحرار الجديد .. وجميع هذه الأحزاب لها مقاعد في البرلمان ، حصلت عليها من خلال الأنتخابات .
وتعد اليابان إنموذجاً فريداً في توفير الأساس المادي والقانوني لحقوق الأنسان وضمانها في آسيا ، بل أنها احدى الدول القليلة في العالم تحترم حقوق الأنسان وتضمنها ، ويعتبر الدستور الياباني أحد أعمدة تطور المجتمع والدولة واقتصادها .. وطيلة السنين السابقة كان سجل اليابان لحقوق الانسان نظيفاً .
في عام 1951 وقعت اليابان على معاهدة السلام ، كما وقعت مع الولايات المتحدة الاميركية ، ايضاً على ( ميثاق أمن ) تعهدت بموجبه واشنطن بحماية اليابان من أي عدوان خارجي ، ومن أي تمرد يتلقى العون من قوى خارجية . بالمقابل نص الدستور الياباني على تخلي الشعب الياباني الى الأبد عن الحرب أو تشجيعها .. كما ألتزمت اليابان بعدم الأحتفاظ بقواعد عسكرية ( برية أو بحرية أو جوية ) ، ومناهضة التسليح النووي ، كما وقعت اليابان معاهدة تحريم انتاج الأسلحة المحرمة دولياً واستخدامها . وعدم إرسال قوات مسلحة يابانية الى الخارج ، وعدم تصدير الأسلحة والمعدات الحربية ، وعدم إمتلاكها أسلحة هجومية “ يجدر ان القوات اليابانية المتواجدة حالياً في السماوة ـ جنوب العراق ـ ليست قوات عسكرية لأغراض القتال ، بل مهندسين وفنيين لأغراض الأسهام في إعادة بناء هذه المدينة واقامة بعض المشاريع الخدمية والأنسانية “ .
لقد واجهت اليابان تحدي الحياة ، فبقدر ما كانت الضربة خلال الحرب العالمية الثانية ساحقة كان حب اليابان عند اليابانيين أكبر فتفجرت الطاقات الهائلة من تحت الرماد لترفع بالوطن الى مصاف الدول المتقدمة الكبرى ، ولتسابقهم في الدخول الى عالم مابعد الصناعة . وأصبحت اليابان اليوم من أبرز دول العالم الصناعية ، وقد أنصب الاهتمام الاساسي على الصناعات التي تعتمد على المهارات الفنية العالية والتشغيل الآلي في معظم الأحيان ، وتعد صناعة السيارات من أكثر الصناعات نمواً في اليابان ، وكذلك صناعة الدراجات البخارية والسفن والطائرات والأجهزة المنزلية وصناعة أجهزة الفضاء وانتاج المواد الخام الكيماوية الأساسية للاستخدام في الصناعات الحديثة ، كما برزت اليابان في الصناعات الدقيقة الكهربائية والحاسبات والروبورت ، حيث بلغ نصيب اليابان من صناعة هذه الأجهزة أكثر من 70% من مثيلاتها في العالم .. والأهم لم يجر هذا التقدم الصناعي على حساب تراجع الديمقراطية وحقوق الأنسان بل كانا يسيران في خطين متوازيين متصاعدين ، تقدم في الصناعة وتعزيز للديمقراطية وحقوق الأنسان .
والصناعة اليابانية اليوم في مقدمة صناعات العالم في الجودة والمتانة وطول العمر .
وتنافس اليابان اليوم ، كل الدول المتقدمة صناعياً ومالياً، وفي تقديم العون والمساعدة الأنسانية في حالات الطوارىء والاغاثة .. كل هذا التقدم الصناعي والتكنولوجي الياباني وحتى السياسي كان مقترناً بالسلام والديمقراطية بعيداً عن عسكرة المجتمع او بناء قوة عسكرية هجومية او اعتدائية ، وليس لها أطماع سياسية او طبوغرافية على حساب الغير ، لكنها في الوقت نفسه استثمرت خارج حدودها منذ ستينيات القرن الماضي اكثر من الشركات المتعددة الجنسية الأميركية .. وتعمل يابان اليوم الى تحول نظامها الاقتصادي الى العالمية فهي تعمل على تخليص نظامها الأجتماعي من المحسوبية السياسية والأجور بالأقدمية والقضاء على قوة اللوبي الزراعي وانحراف بعض المسؤولين والعمل على أستخدام المصانع اليابانية في المنطقة الوسطى ( في آسيا) كعامل للبحث عن نموذج جديد يتيح للمشروعات اليابانية الأحتفاظ بأوراقها الرئيسة والسماح لها في الوقت نفسه بالانتقال الى العالمية ، بالمقابل فأن سجل حقوق الانسان الياباني نظيف ويقف في مقدمة السلم في السجل العالمي لحقوق الأنسان .
والعراقيون ليسوا أقل شأناً وقدرة ووطنية وطاقات وموارد من اليابانيين ، وهم اليوم أمام أكبر تحدٍ ، وهو اعادة بناء بلدهم والانطلاق في اقتصادهم المنهار منذ عقود ، فهل نحن امام تجربة عراقية في السلام والديمقراطية بموازاة تجربة اقتصادية متطورة !!؟
يقيناً بطاقات العراقيين وجهادهم وجهودهم وابداعاتهم الخلاقة سنكون إنموذجاً ( سياسياً واقتصادياً ) تحتذي به دول المنطقة..
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=9915
منوعة
Labels: منوعة
4 Comments:
أهم أحداث اليابان في هذا المقال..مقال جدير بالقراءة
فليذهب التحالف والامريكان إلى بلدهم أولاُ وبعد ذلك يمكن التحدث عن نهضة عراقية في التكنولوجيا وخلافه ,أود ان اذكر ان العراق كانت بلد غنية جداً قبل فرض الحصار عليها وقبل حرب الخليج
أخوكم محمود
اعتقد ان التجربة اليابانية لن تتكرر في العراق.
نعم العراقيون ليسوا أقل شأناً وقدرة ووطنية وطاقات وموارد من اليابانيين
ولكن عقلية الشعبين وتاريخهم مختلف كليا
ما يحتاجه العراق تجربة عراقية بحتة تولد من العراقيين انفسهم تتماشة مع بيئتهم وثقافتهم واي محاولة لتقليد التجربة اليابانية او غيرها من التجارب مصيرها الفشل برائيي.
العراق بلد صاحب حضارات وتاريخ طويل يمتد لالاف السنين
بينما اليابان جزيرة عاشت كل تاريخها مغلقة على نفسها ولم يمر عليه اي حضارة خارجيةحتى القرن التاسع عشر عندما انفتح على العالم ووجد اليابانيين انفسهم متخلفين عن اقرانهم من الغرب او من اقرب الحضارات لهم الصينية مثلا
وهناك كانت بداية نهضتهم التي نجحت بزمن قياسي وبتقليدهم للغرب.
يا عزيزي ان تعلم وتدرب فتى في بداية عمره اسهل بكثير من تعليم كهل اثقلت السنين الطويلة والتجارب عليه.
واليابان كانت ذاك الفتى اما العراق الان فهو ذاك الكهل.
نعم بامكان العراقيين ان يكونوا كمثل التجربة اليابانية او اكثر، لكن هذا يعد حلما بعيد المنال، لان اليابانيون احبوا بلدهم وكانوا اوفياء له، ولم يتعاونوا مع الاجنبي او دول الجوار ولم يكونوا خونة لبلدهم او جواسيس لحساب بلد ثاني مجاور ام غير مجاور، وكانوا غيورين على بلدهم ومعتقداتهم لما تمثله من كبرياء، وليس كما يفعل الان القرود التي تجلس على عرش العراق وكلهم ليسوا عراقيين الهوى او الجنسية، بل هم وكلاء لايران واسرائيل وامريكا، خونة الى حد النخاع وسفلة وقتلة ومأجورين وحرامية ابا عن جد.
والاهم من هذا ان اليابان تقدمت لانها لم تستخدم التخلف ومنه اللطم والخزعبلات العفنة التي عمرها منذ قرابة الثلاثمئة سنة وهي بعمر الصفويين المتخلفين الذين ارجعوا العراق الى عصر التخلف والانحطاط الخلقي وتحجيم عقول ابناءه.
والاهم من هذا كله، مادام بالعراق شروك ومعدان وصفويون واكراد اسرائيليون الهوى فمن سابع المستحيلات ان يرتقي العراق الى حدود ادنى دولة على وجه هذا الكوكب، وهذا ليس من داعي عنصري كما يريد بعض الاغبياء ان يصفه، لكن هي الحقيقة واراهن اي واحد ان يأتي بغير هذا الاثبات، اللهم الا ان كان حرامي وخائن يريد ان يبريء ساحته
عاش العراق والله اكبر
عراقي محروق قلبه
Post a Comment
<< Home