اليابان

تتناول المدونة ما يتعلق باليابان. ونرحب بتعاون الزوار في تقديم المقالات والأخبار ضمن هذا الإطار وتصحيح الأخطاء اللغوية فيها بالإضافة إلى ترجمات نصوص يابانية أو إنجليزية سنختارها Al-Yaban blog presents articles and news on Japan in Arabic with cooperation of its visitors. アラビア語による日本専門ブログ。投稿歓迎

2009/09/04

سقوط الحزب الديمقراطي الليبرالي في انتخابات 2009

イスラム・オンラインの衆院選評論

اليابان.. زلزال داخلي وهزة دولية

نبيل شبيب


يوكيو هوتوياما رئيس الوزراء الياباني الجديد
لن يكون الزلزال السياسي الذي أسفرت عنه الانتخابات النيابية في اليابان (30/8/2009) دون آثار واسعة النطاق، داخلياً، وعلى مستوى القارة الآسيوية، وفي إطار العلاقات الدولية؛ فسقوط "الحزب الديمقراطي الليبرالي" يعني سقوط حقبة تاريخية امتدت 54 عاما لم يكن فيها خارج السلطة سوى لعشرة شهور فقط خلال تسعينات القرن الميلادي العشرين، بينما يعني وصول الحزب الديمقراطي الذي تأسس عام 1993 إلى السلطة، توجهات جديدة في السياسات الداخلية والاقتصادية والخارجية، فإن نجح رئيسه يوكيو هوتوياما بعد استلامه منصب رئاسة الوزراء، في تنفيذ ما وعد به الناخبين، وما أفصح عنه من تغيير منتظر في العلاقات مع القوى الدولية والآسيوية، يمكن القول إن الانتخابات لم تنقل اليابان فقط إلى حقبة تاريخية جديدة، بل ستعطي دفعة كبيرة أيضا للمتغيرات على خارطة العلاقات الدولية.

للمعجزة ثمنها

عندما تُذكر اليابان تذكر أولا معجزتها الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي جعلتها تحتل المرتبة الثانية بين "الاقتصادات العالمية" بعد الولايات المتحدة الأمريكية، والمعجزة تعني هنا "النمو الاقتصادي" الذي يقاس في النهج الرأسمالي بحجم الإنتاج وحركة التصدير والطاقة الصناعية وقطاع الخدمات، أو ما يسمى الناتج القومي العام، ولا يقاس بالأوضاع المعيشية الفردية، وعندما يُذكر متوسط دخل الفرد، يغيب عن الأرقام الاقتصادية وجود نسبة عالية من الفقر والبؤس على صعيد عموم السكان.

وكانت اليابان تطبق النهج الرأسمالي المتشدد على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في الدرجة الأولى، أي مع تغييب الكثير من متطلبات الرعاية الاجتماعية، على غرار ما انتشر في بعض البلدان الأوروبية، لاسيما القريبة من المعسكر الشيوعي سابقا.

وعُرف حكم الليبراليين بأنه قائم على ثلاث دعامات، الحزب والصناعة والبيروقراطية، ومقابل ذلك انتشر التذمر الشعبي انتشارا واسعا وبلغ مداه في السنوات الأخيرة، وترمز إليه ثلاث كلمات تُستخدم عناوين لبعض مظاهر البؤس، أولاها كلمة "كاروشي" وتعني: الموت تحت وطأة العمل، فالخشية من ضياع مكان العمل كانت تدفع بالفرد الياباني إلى تنفيذ كل ما يطلب منه، وهو مهدد بالفصل في أي وقت، لاسيما وأن ثلث عقود العمل في اليابان مؤقتة زمنيا، ووصلت ساعات العمل في كثير من الأحيان إلى ثمانين ساعة أسبوعيا، مما أدّى إلى انهيار كثير من العاملين وموتهم، وهو ما تشهد عليه موجة الدعاوى القضائية طلبا لتعويضات مالية.

والكلمة الثانية "هيكيكوموري" وتعني "الهروب والعزلة"، في إشارة إلى وصول الضغوط المعيشية إلى درجات لا تطاق تسبب انتشار الأمراض النفسانية انتشارا واسعا، خاصة بين جيل الشبيبة، الذي يعاني علاوة على ذلك مما تعبر عنه الكلمة الثالثة "بارازيتو شينجورو" أو السكان المتطفلون، فقد أصبح معظم الشباب مضطرين إلى البقاء في مساكن أهلهم لعجزهم عن الاستقلال بأنفسهم ماليا، وبالتالي انتشرت العزوبية والعنوسة على نطاق واسع، وأصبح من آثارها "الانقراض السكاني" إلى جانب ارتفاع نسبة الشيخوخة في الهرم السكاني ارتفاعا كبيرا.

لم تكن هذه الظواهر المأساوية وسواها خافية وليست جديدة، ولكن الحزب الليبرالي لم يبدل سياسته الرأسمالية المتشددة، بل ضاعف من تطبيقاتها مؤخرا بحجة ضرورات مواجهة آثار الأزمة الرأسمالية العالمية، وكان من نتائجها ارتفاع نسبة الديون على الدولة -وبالتالي على كاهل دافعي الضرائب من أجيال قادمة- إلى ما يعادل 170 في المائة من الإنتاج الداخلي، واحتلت اليابان بذلك المرتبة الأولى بين الدول الصناعية من حيث حجم الديون.

وفي الوقت نفسه ازدادت معدلات البطالة باطراد لتسجل أرقاما قياسية، كان آخرها في الشهر السابق للانتخابات مباشرة، وليس هذا المعدل (خمسة وسبعة أعشار في المائة- أو 3 ملايين و600 ألف عاطل) مرتفعا بالمقارنة مع دول صناعية أخرى -ناهيك عن النامية- إلا أنه يمثل الأرقام الرسمية، بينما تشمل البطالة المقنعة بأجور لا تكفي لمعيشة بسيطة ملايين آخرين من السكان.

ورغم أن ما يسمى "حزم تحفيز الاقتصاد" التي قررتها حكومة تارو آسو الليبرالية بدأت في شهر الانتخابات "تؤتي ثمارها"، وهو ما يعني في النهج الرأسمالي تسجيل نمو اقتصادي جديد بعد انكماش دام 15 شهرا، إلا أن هذا لم يعد يقنع الناخب الياباني، المعروف بصبره، وهو ما انعكس في انتخابات ماضية، فكان يحفظ لليبراليين سيطرتهم على امتداد العقود الماضية.. ونفذ الصبر المديد، فوقع الزلزال السياسي الداخلي بمعنى الكلمة.

شعار "الأخوّة" على طريق التغيير

هوتوياما الذي طرح مع حزبه الديمقراطي هدف التغيير على نطاق واسع، طرحه تحت شعار "الأخوّة"، مؤكدا أن السياسات الاقتصادية ستنطلق مستقبلا من مراعاة احتياجات الفرد الياباني وليس الشركات، ومعززا علاقاته مع النقابات وروابط المستهلكين، الضعيفة التأثير حتى الآن، وواعدا بتخفيف المركزية البيروقراطية ومضاعفة الاهتمام بأطفال اليابان والمسنين، ومع وعوده بعدم رفع ضريبة الغلاء (المبيعات) خلال السنوات الأربع القادمة لفترة حكمه الدستورية، ويريد تأمين التمويل اللازم لمشاريعه الاجتماعية عبر الحدّ من الإنفاق في الدرجة الأولى.

ومع أن سياسته المالية توصف بأنها "محافظة"، بمعنى الالتزام بالنهج الرأسمالي، إلا أنه يقول: "مع اهتمامنا بالنمو الاقتصادي نعطي الأولوية لزيادة الدخل الفردي"، برفع نسب التأمينات للعاطلين عن العمل والمتقاعدين وإلغاء الرسوم على التعليم وتخفيض الضرائب المفروضة على الشركات والمؤسسات الصغيرة"، ولئن نجح في ذلك فسوف يقوّض دعائم التشدد الرأسمالي التي كان أول من وضعها في اليابان جدّه الليبرالي "إيخيرو هوتوياما" منذ عام 1955.

والجدير بالذكر أن لرئيس الوزراء الجديد (صاحب الثروة المالية الأكبر بين النواب) تراثه "الليبرالي" أيضا، وكان قد انضم إلى حزب الليبراليين عام 1986، وبقي فيه حتى عام 1993 عندما أسس "أوزاوا" الحزب الديمقراطي، فانضم إليه، ولا يزال أوزاوا هو الرجل القوي في الحزب.

ويريد هاتوياما الذي شغل حزبه زهاء ثلثي مقاعد المجلس النيابية (308 من 480، والليبراليون 119)، كما يشغل غالبية مقاعد المجلس الاستشاري، أن يتعاون في الحكم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (7 مقاعد) وحزب الشعب الجديد (3 مقاعد).

وقد بدأ التشكيك مبكراً بقدرة الحزب الديمقراطي على تحقيق الأهداف الاقتصادية-الاجتماعية المشار إليها، دون أن يكون ذلك على حساب الموقع الاقتصادي الياباني عالميا (بغض النظر عن ذلك يتوقع أن يحتل اقتصاد الصين عام 2010 المرتبة الثانية مكان اليابان)، على أن التشكيك يصدر في الدرجة الأولى عن الطبقات المنتفعة ماليا ونفوذا في عهد الليبراليين، مثل فوجيو ميتاراي رئيس اتحاد أصحاب العمل، وتاداشي أوكامورا رئيس غرفة التجارة والصناعة.

سباق مع مواعيد عالمية

هوتوياما في حاجة إلى الإسراع بتشكيل حكومته الجديدة خلال أسبوعين، أي قبل موعد قمة العشرين المقبلة عالميا، حيث سيكون فيها ظهوره لأول مرة على المسرح الدولي، وكما أن الميزانية الجديدة آخر 2009 ستكشف عن مدى قدرته على إحداث التغيير داخليا بما يلائم حجم الزلزال السياسي انتخابيا، فيتعين عليه تحديد معالم سياسته الخارجية في الوقت المناسب قبل زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لليابان في نوفمبر 2009.

والتغيير الأكبر المنتظر من العهد الياباني الجديد يمس العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مباشرة، وإن كان هوتوياما يؤكد على أهمية تحسين علاقات اليابان بالجوار الآسيوي (الذي وصفه بمنطقة الوجود الطبيعي لبلاده) لاسيما الصين الشعبية، حيث تزامنت الانتخابات مع الإعلان عن أن حجم التبادل التجاري مع الصين أصبح يحتل المرتبة الأولى في اليابان، بعد أن كان قبل ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية.

على أن تطوير العلاقات مع الصين (ودول أخرى مثل كوريا الجنوبية) يعني التغلب على إرث تاريخي كانت حكومات الليبراليين شديدة التمسك به، وترمز إليه في الدرجة الأولى الإشادة بقادة عسكريين يابان من الحرب العالمية الثانية، ممن تعتبرهم دول الجوار مجرمي حرب، ومن المنتظر أن يمتنع هوتوياما عن زيارة "ضريح يوسوكوني" الذي يضم رفاتهم، زيارة تكريمية سنوية، كما كان يصنع أسلافه.

كما تؤكد الصين عبر صحفها الرسمية ضرورة أن تتعامل الحكومة الجديدة "من منطلق الشعور بالمسئولية تجاه العلاقات الثنائية" مع قضايا حساسة، مثل تايوان والتيبت والجزر المختلف عليها في شرق بحر الصين (حيث تكمن كميات من الغاز تحت الماء).

والجوار الآسيوي يشمل الاتحاد الروسي، والعقبة الأكبر لتطوير العلاقات الثنائية هنا كامنة في مشكلة الجزر الشمالية اليابانية التي تحتلها موسكو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولا ينتظر من الحكومة الجديدة في طوكيو أن تسجل على نفسها تراجعا بصدد المطالبة بها.

على أن ما تعتبره الأوساط الغربية تغييرا جذريا -قد لا يتجاوز الهزة السياسية دوليا- يكمن في إعلان هوتوياما في مقالة له في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية قبل الانتخابات، أن تشكيل "مجموعة دول آسيوية" يعتبر من غاياته البعيدة، وهو ما يعني نهاية دور اليابان كحليف أول للولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا.

وكان من كلماته في المقال الصحفي المشار إليه: "إن عصر العولمة بزعامة أمريكية يوشك على الرحيل، ونحن أمام نظام تعدد الأقطاب، كنتيجة مباشرة للإخفاق في حرب العراق وللأزمة المالية العالمية"، كما أكد حرصه على أن تكون العلاقات مع واشنطن "أكثر ندّية" في المستقبل، وأن ينتقل محور التعاون الثنائي من القطاع العسكري إلى ميادين أخرى كالطاقة والبيئة.

وأول اختبار للسياسة اليابانية الدولية الجديدة ستكون مع مطلع عام 2010، إذا ما نفذ هوتوياما وعده الانتخابي، وامتنع عن تمديد الاتفاق المعقود منذ 2001 على تزويد الأسطول الياباني في المحيط الهندي للقوات المقاتلة في أفغانستان (الأطلسي والتحالف الدولي بزعامته الأمريكية) بالوقود، وهذا ما ينطوي على نكسة شديدة لسياسة الرئيس الأمريكي أوباما، الذي أعطى الحرب في أفغانستان أولوية مطلقة على صعيد سياسته الخارجية، على أن هذا الوعد لم يبقَ "قاطعا" مع نهاية المعركة الانتخابية، فبرز للعيان تصريح صادر عن كاتسويا أوكادا، المرشح لمنصب وزير الخارجية من الحزب، أنه "سيجري التفكير بذلك" مع حلول عام 2010.

كما أن هوتوياما نفسه أظهر مؤخرا ليونة جديدة في التعامل مع المطلب الأمريكي بصدد نشر أسلحة نووية في اليابان، وهو ما أثارته مخاوف طوكيو من كوريا الشمالية وكذلك من تنامي القوة العسكرية للصين الشعبية، فأشار هوتوياما إلى قابلية التفكير بذلك شريطة أن تعلن واشنطن الالتزام بالتخلي عما يسمى "الضربة النووية الأولى"، وأن توافق على نقل قاعدة فوتينما الجوية إلى جزيرة أوكيناوا.

وهنا يكمن الاختبار الأكبر للحكومة الجديدة بشأن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في اليابان نفسه، وقد سارع متحدث باسم الرئاسة الأمريكية إلى إعلان الرفض مسبقا لإعادة التفاوض حول الاتفاقية الثنائية المتعلقة بانتشار 47 ألف جندي أمريكي في جزيرة أوكيناوا اليابانية وقاعدة فوتينما الجوية.

والاتفاقية "الأمنية" بين البلدين قائمة منذ عام 1952، وجددت عام 1960، ووضعت منطقة انتشار الجنود الأمريكيين عام 1972 تحت الإدارة اليابانية، مع تثبيت الوجود العسكري فيما يعادل 20 في المائة من مساحة جزيرة أوكيناوا، وفي مناطق أخرى.

ويعارض اليابانيون خاصة في أوكيناوا الوجود العسكري الأمريكي بقوة، ليس بسبب عدم الاقتناع بالحاجة إليه بعد أكثر من 60 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية فحسب (التعهدات الأمريكية بحماية اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان)، إنما يضاف إلى ذلك ما تثيره هيروشيما وناجازاكي في مطلع أغسطس سنويا من ذكريات المحرقة النووية وآثارها المستمرة حتى اليوم، كما أن مسلسل اعتداءات الجنود الأمريكيين (أشدها اغتصاب ثلاثة جنود لفتاة عمرها 12 سنة عام 1995) كان يجدد المعارضة الشعبية تجاه الأمريكيين بقوة.

ولئن كان من غير المنتظر أن تتبدل السياسة الخارجية اليابانية بين ليلة وضحاها، إلا أن معالم التغيير مرجحة في اتجاه ظهور تحالفات آسيوية جديدة، وهو ما يتلاءم مع ما تسعى له القوى الأخرى كروسيا والصين والهند، مما سيقلص من النفوذ الأمريكي في القارة.. هذا إذا ما ثبت وجود الحزب الديمقراطي في السلطة، ولم ينجح الليبراليون في "إعادة ميلاد حزبهم"، على حد تعبير رئيسهم تارو آسو المستقيل، بعد خسارته المدوية في الانتخابات الأخيرة.


--------------------------------------------------------------------------------

كاتب ومحلل سياسي سوري مقيم في ألمانيا.

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1251021440442&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout


3 - 9 سياسة داخلية

Labels:

1 Comments:

At 5:53 AM, September 05, 2009, Anonymous Anonymous said...

السلام عليكم

اتمنى من السياسيين الحاليين اعادة مجد اليابان و التحرر من الهيمنة الامريكية , خاصة بعد 64 عاما من انتهاء الحرب. و الشعب الياباني العريق قادر على ذلك. و للاصدقاء اليابانيين في اوكيناوا اقول لهم: كفاكم ذلا و اخرجوا المحتل من على ارضكم حتى و ان اضطررتم للقوة! و سلامي لكل اليابانيين و اولهم السيد محمد سايتو


عبدالحميد

من العراق العظيم

 

Post a Comment

<< Home