اليابان

تتناول المدونة ما يتعلق باليابان. ونرحب بتعاون الزوار في تقديم المقالات والأخبار ضمن هذا الإطار وتصحيح الأخطاء اللغوية فيها بالإضافة إلى ترجمات نصوص يابانية أو إنجليزية سنختارها Al-Yaban blog presents articles and news on Japan in Arabic with cooperation of its visitors. アラビア語による日本専門ブログ。投稿歓迎

2007/09/01

الطبعة الآسيوية لليابان من قوس الحرية والديمقراطية

بقلم : محمد إبراهيم الدسوقي

من المحتم التوقف مليا أمام الدعوة الموجهة من جانب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لتقارب ومشاركة آسيوية أوسع بين الديمقراطيات تضم الهند واليابان والولايات المتحدة واستراليا‏,‏ ومبعث وقوع اختياره للدول الأربع يعود لاتفاقها واشتراكها في الايمان بقيم الديمقراطية‏,‏ واحترام حقوق الإنسان والحرية والاعلاء من شأنها وقيمتها في معاملاتها الداخلية والخارجية‏.‏

دعوة آبي ترمي لبناء ما يصح توصيفه بتحالف الديمقراطية والذي سوف تستثني منه بلا شك الصين‏,‏ المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان‏,‏ والتضييق علي الحريات العامة‏..‏الخ‏,‏ ومع أن رئيس الوزراء الياباني أكد خلال جولته الآسيوية قبل أيام‏,‏ أن الغرض خلف دعوته ليس محاصرة العملاق الصيني الذي تنامت قوته الاقتصادية والسياسية بشكل يقلق الكل إقليميا ودوليا‏,‏ فإن الحقيقة الظاهرة أن ذلك هو هدفه المحوري‏,‏ وأن واشنطن استغلت ما يربط البلدان الأربعة من وشائج ومصالح استراتيجية لتبني فكرة تحالفها الديمقراطي‏.‏

ومع عدم التشكيك في النيات‏,‏ فإنه يلزم التساؤل عن السر وراء مغامرة اليابان بتوجيه دعوتها في هذا التوقيت علي وجه الخصوص‏.‏

المعيار الأصوب والأوفق لاستخلاص الحقائق والدلالات السياسية لدعوة طوكيو‏,‏ يجب أن يبدأ من الطموح الياباني الغالب بالارتقاء لفئة القوي السياسية المؤثرة عالميا والمالكة لأدوات تجيز لها شرعية التدخل لتسوية النزاعات والصراعات الدولية بصورة مستقلة‏,‏ تتحاشي بها الاتهام الجاهز بأنها تقتفي أثر السياسات الأمريكية عند تحديد موقفها من الأزمات الدولية الناشبة‏.‏

هذا الطموح المستحوذ علي وجدان وعقل القيادة اليابانية في السنوات الماضية‏,‏ حمس طوكيو علي السير بلا وجل داخل مناطق ملغومة كانت تعد في العقلية الجماعية اليابانية من رابع المستحيلات‏,‏ مثل الزج بقوات الدفاع الذاتي للعراق‏,‏ والتهديد بمهاجمة جارتها كوريا الشمالية‏,‏ اذا استشعرت أنها تشكل تهديدا لأمن اليابان القومي‏,‏ وتمويل مشروع ممر السلام والازدهار في الضفة الغربية الهادف للتقريب بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتحقيق السلام المفقود فيما بينهما‏.‏

اليابان كبلد رائد في المجال الاقتصادي العالمي وثاني أكبر وأهم محركاته‏,‏ له كامل الحرية في نيل حقه المشروع في الموازنة بين قوته الاقتصادية والسياسية‏,‏ وهذا ليس محل نقاش وسجال‏,‏ بل ان موضع المناقشة يتصل بأن طوكيو أدخلت نفسها تحت عباءة خطط أمريكية برهنت الأحداث علي فشلها لسوء تخطيطها‏,‏ ولدورانها جميعا في دائرة تستهدف فقط الابقاء علي الولايات المتحدة كقوة وحيدة صاحبة الامتياز الحصري لتدبير شئون العالم‏,‏ وأن يكون من الي جوارها مجرد أصوات تردد ما ترغبه‏,‏ بدون أن ينازعها أحد أو يرشدها لمواضع أخطائها المتكررة‏.‏ ويتذكر رئيس الوزراء الياباني أن المبادرات الأمريكية الداعية للديمقراطية في أنحاء متفرقة من عالمنا بينها الشرق الأوسط خاصة‏,‏ كان مصيرها الفشل المحتوم‏,‏ والعبرة ماثلة في العراق وأفغانستان‏,‏ وان كنا سنفترض أن نشر الديمقراطية ليس ما يصبو إليه تحالف الديمقراطيات المقترح‏,‏ فإن كل ذي بصيرة سياسية ثاقبة يعلم أن غرضه تطويق الصين‏,‏ وهو ما تنشده الولايات المتحدة‏.‏

واقعيا فإن هذا التوجه أبعد ما يكون عن الحصافة‏,‏ لأن التشابك الحالي في المصالح الاقتصادية بين الولايات المتحدة واليابان والصين علي سبيل المثال‏,‏ سيجعل من الاستحالة التضحية بها‏,‏ فالأطراف الثلاثة شركاء تجاريون‏,‏ ومردود حصار التنين الصيني أو محاولة تحجيمه سيضر الاقتصاد العالمي الذي باتت الصين مصنعه الكبير‏,‏ ولا في مصلحة العلاقات الثنائية‏.‏

ثم ان أمن واستقرار آسيا سياسيا وعسكريا يتطلب اشراك الصين وليس استبعادها‏,‏ وتذكر واشنطن أن الفضل يعزو لبكين في الخروج بنتائج إيجابية من الجولة الخامسة من المحادثات السداسية حول الأزمة النووية الكورية في فبراير الماضي لتفكيك البرنامج النووي لكوريا الشمالية‏,‏ كذلك فإن الدول الأربع وإن كان يجمع ويقرب بينها حزمة من المبادئ النبيلة كالديمقراطية وحقوق الإنسان‏,‏ فإن هناك تضاربا في مصالحها‏,‏ فالهند أحد الأضلاع الثلاثة لحركة عدم الانحياز لا تطمح للتحول لتابع للولايات المتحدة ولسياساتها‏,‏ ويحتم عليها صالحها أن تحتفظ بعلاقات طيبة وودية مع الجارة الصين‏,‏ واليابان الحليف الأبرز لأمريكا في آسيا يختلف معها في علاج ملفات مهمة تخص القارة والعالم مثل‏,‏ الحد من الانتشار النووي‏,‏ ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري‏,‏ ومصلحتها المستقبلية توجب عليها التقارب مع الصين وليس استفزازه ومعاداته في وقت لاتزال توجد قضايا خلافية بين البلدين متعلقة بما جري في الماضي‏.‏ إجمالا فإن طرح آبي لفكرة قوس الحرية والديمقراطية لن ينظر إليه بصفته اجتهادا ذاتيا من طرف اليابان‏,‏ وانما علي أنه بضاعة أمريكية راكدة أخفقت واشنطن في ترويجها فقررت أن تنيب
عنها من يعمل علي تسويقها لخدمة خططها ومشاريعها‏,‏ وان كانت البلدان الأربعة تود تشكيل ثقل مواز للصين فإن التحالف المطروح ليس الصيغة الموفقة لفعل ذلك‏,‏ لاسيما أنه غير واضح يقينا المرغوب من ورائه‏,‏ كما أن عقلية الحصار والخنق لن تكون مجدية وفاعلة مع العملاق الصيني المتعين التعامل معه بذكاء وواقعية‏.‏

‏Desouky22@hotmail.com

عن الأهرام القاهرية

http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=repo1.htm&DID=9326

1 - 9 سياسة خارجية

Labels:

0 Comments:

Post a Comment

<< Home